Wednesday, December 07, 2011

معركة محمد محمود

كانت معركة، بطولة، فدائية، شجاعة مالهاش مثيل، تضحية، تخليص حق.
وكانت من الناحية التانية حرب استنزاف، حرب كيماوية، مجزرة، إرهاب دولة، جرائم حرب، انتقام.

يوم السبت 19 نوفمبر
كلاب سعرانة نزلت تضرب المصابين المكسحين المعتصمين في عز البرد على الرصيف عشان عايزين يتعالجوا ويشتغلوا، الناس اتلمت وكسروا عربية شرطة، كان ممكن ساعتها الشرطة تنسحب ووزير الداخلية يعتذر ويلاقي حل للمصابين، ده لو كان في مسئول بيخاف من الشعب في البلد دي، إنما مفيش، في خلال ساعتين بدأ ضرب الغاز والخرطوش وبدأ عيون الشباب تروح...ذهلت أول ما وصلت من كمية الغاز اللي بتتضرب، وماكانش في بالي غير سؤال واحد، كل ده عشان قلنا لهم قبلها بيوم امشوا في ابريل؟ أمال لو كنا قلنا لهم امشوا حالاً كانوا عملوا إيه؟ الإجابة في الأيام اللي بعدها

يوم الأحد 20 نوفمبر
الاعتصام جميل، نفس روح يناير، ناس بتوزع ساندوتشات وناس بتهتف، إنما في محمد محمود الوضع مختلف تماماً. غاز وخرطوش لا يتوقف وكأننا في غزة بنتعرض لقصف من الاحتلال الصهيوني...كل شوية ذعر والناس تجري وترجع تاني للضرب، وقفت مع بنتين نشمم الخارجين من المعركة خل...الإصابات زادت والمستشفى الميداني مابقتش ملاحقة...على الساعة خمسة فجأة لقيت قنبلة غاز اتضربت على جنينة المجمع وسطنا...وناس بتجري بذعر شديد...الجيش بيهجم. جيش إيه؟ أنا كنت لسة في شارع الشيخ ريحان والقصر العيني وماكانش فيه أي مؤشر إن الجيش هيهجم! بطني كانت مقلوبة من غاز امبارح ومش قادرة أجري...واحد قاللي أرجوكي اجري بسرعة عشان لو مسكوكي هايفرموكي...جرينا ناحية كوبري قصر النيل...وفضلنا نجري نجري نجري، من الذعر أو الخطر الحقيقي مش عارفة، وبنهتف بقلبنا وبكل قوتنا الشعب يريد إسقاط المشير. لما وصلت الدقي اكتشفت إن الميدان كان مليان مصابين وبدأت أبكي عليهم، وأقول للناس زي المخمورة طب أنا عرفتي أجري المصابين عملوا إيه؟ المصابين عملوا إيه؟

يوم الاثنين 21 نوفمبر
المذبحة مستمرة، سيل من المصابين والدماء لا يتوقف. لكن المستشفيات كترت وكمية الأدوية تضاعفت. ناس نزلت مخصوص بعد ما شافت فيديو سحل جثامين الشهداء والبنت اللي بيجروها من شعرها. طلاب مدارس داخلين محمد محمود بالكتب على ضهرهم وبيهزروا عن الاستشهاد. الإعلام بيحاول يظهر كذباً إن المتظاهرين كانوا بيحاولوا يقتحموا وزارة الداخلية وإن الظباط كانوا بيدافعوا عن المبنى. شهادة للتاريخ: الكلام ده كدب وخديعة أقسم بالله ما بعدها خديعة. وزارة الداخلية في شارع الشيخ ريحان مش محمد محمود، وزي ما كتبت أنا كنت موجودة بنفسي يوم الأحد في شارع الشيخ ريحان عند الوزارة وماكانش حد بيحاول يقتحم ولا زفت، كان في 20 30 بني آدم هناك والاشتباكات كانت في محمد محمود بس، وهافترض في موقف تاني إن أشخاص حاولوا يقتحموا الوزارة وهم مش مسلحين، اللي هي بفلوس ضرايبهم، يتقتلوا؟ بأي منطق؟ بمنطق العيسوي والعادلي وزبانيتهم طبعاً. تولع وزارة الجلادين والحرامية...تولع وزارة العادلي وإسماعيل الشاعر ولا تزهق روح شاب واحد...ده النبي قال هدم الكعبة أشد عند الله من إزهاق روح مسلم برئ...روح واحدة مش حوالي 50 في باب اللوق...الكعبة، مش وزارة الداخلية، وانتوا تقولوا كانوا بيحاولوا يقتحموا؟ حسبنا الله.

يوم الثلاثاء 22 نوفمبر
المليونية...العدد كان هايل وكمية مساعدات طبية وإعاشة مهولة وصلت للميدان رغم الضرب والعنف...اللي قلبه ميت بيحارب في جبهة محمد محمود واللي عنده حاجة باقي عليها بيهتف في الميدان أو بيساعد في إسعاف مئات المصابين...موتوسيكلات مابتقفش شايلة مصابين اللي دمهم سايح واللي مغمى عليه من الغاز...وفي باب اللوق الغاز كان بيتضرب ناحية الغرفة التجارية...وزارة الداخلية هناك كمان؟ سبت الميدان متأخر وكنت متطمنة إنهم أكيد، أكيد يعني، مش هيتغابوا ويعملوا حاجة في عدد كبير زي ده، أول ما وصلت البيت عرفت إنهم استخدموا غاز عديم اللون والرائحة تسبب في إغماءات وتشنجات...اللي بيرجع دم واللي جاله ضيق شديد في التنفس...ولحد دلوقتي مش عارفين ده غاز إيه؟ والأدهى والأمر...احنا للدرجة دي حياتنا هانت عليكي يا مصر؟

يوم الأربعاء 23 نوفمبر
الميدان منقسم انقسام عجيب إلى ساحة حرب وساحة لعرض البضائع، الناس كلها حاطة كمامات الغاز عديمة المفعول...رحت ناحية المستشفى الميداني اللي في أول محمد محمود عشان أشوف الوضع إيه...في الحروب المفروض المستشفى يبقى مكان آمن من البطش، لكن مش في حرب المجلس العسكري. أول ما وصلت لقيت قنبلة غاز اتضربت قريب جداً في الجامعة الأمريكية على بعد أمتار قليلة من المستشفى...كان في واحد دايخ حاولت أفوقه لحد ما الغاز وصل لي، مئات بيحاولوا يبعدوا وبيحاولوا ينشلوا نفسهم من الموت...اللي شم الغاز هيعرف قصدي...غاز مفزع وبيديك إحساس إن روحك بتطلع...صعبت عليا نفسي، رغم إن أقصى حاجة حصلت لي الأذية من الغاز...امال أم الشهيد تعمل إيه؟

المجلس العسكري: أنتم سفاحين...ونهايتكم أكيدة وعند ربنا أسوأ ما تكون، ألا لعنة الله على الظالمين
الأحزاب المشتركة في المجلس الاستشاري المدني: اتفو عليكوا، يا رب تولعوا بالبرلمان اللي فرحانين بيه

1 comment:

الثورة لن تموت said...

بعد إذنك احنا اقتبسنا تدوينتك في مدونة الثورة لن تموت ، وتمت الإشارة لمدونتك
لو في أي مانع ياريت تقول
وآسفين اننا ما اخدناش اذنك قبل النشر لأننا بنحاول نجمع شهادات في اسرع وقت ممكن لتوثيق الحدث