كلمتان خادعتان أعضاء المجلس العسكري لا يكلوا ولا يملوا من ترديدها كلما وجدوا أنفسهم أمام شاشات التلفاز يخاطبون هذا الشعب العظيم. الشرطة انهارت يوم 28 يناير.
هاتان الكلمتان ليستا خادعتان فحسب، بل هو تزييف صريح للتاريخ، وأفهم محاولة أي شخص إنه يزيف حدث مرت عليه عشرات السنين ولم يتبق منه صور أو فيديوهات أو اختراع اسمه يوتيوب، لكن وصلت بهم الجرأة أن يزيفوا حدث لا يزال الخرطوش الذي ضرب فيه موجود في أجسام المصابين حتى الآن.
ما معنى انهيار الشرطة؟ أنا أفهم أن تنهار الشرطة إذا فقدت الآلاف من أعضائها، أو إذا دمرت جميع مقارها بالكامل، خصوصاً المقر الأم في لاظوغلي. تنهار الشرطة إذا انهار اقتصاد الدولة وعجزت عن صرف مرتبات أفرادها فكانت النتيجة تمرد واسع في صفوفهم، وليس مضاعفة رواتبهم واستيراد قنابل غاز جديدة لانك استخدمت في التاسع والعشرين من يونية والثالث والعشرين من يوليو في العباسية و9 سبتمبر و9 أكتوبر والبقية تأتي.
هذا هو مفهوم انهيار الشرطة بالنسبة لي، وإذا كان لديك عزيزي المضروب على قفاه مفهوم آخر رجاء مناقشتي فيه، أما بالنسبة للحقيقة التي لا نعرف منها حتى الآن سوى القشور، هو أن هناك ألف قتيل تقريباً من المدنيين، و10 آلاف مصاب مدني، منهم من فقد عينه بسبب خرطوش غادر، ومنهم أطفال قتلوا على يد شرطتنا قبل أن تنهار، منهم بلال سالم عيسى في رفح ومحمد إيهاب النجار في الغربية وهدير عادل سليمان في القاهرة على سبيل المثال لا الحصر. هل انهارت الشرطة بعد أن نفذت ذخيرتها في أجساد وعيون الأطفال والشباب العزل وكل جريرتهم هي المطالبة بحياة كريمة؟ هل انهارت الشرطة بعد أن دهست العشرات من المتظاهرين بشكل متعمد وأخفت جثث البعض لتعبث بالأدلة؟ هل انهارت الشرطة بعد أن احترقت الأقسام في خطوة رمزية لإسقاط القهر وهي الحرائق التي لم تخلف شهيداً واحداً من أبناء الشرطة حسب علمي، بل إن الظباط ال26 الذين قتلوا في الثورة، رحمهم الله، قتلوا في أعمال بلطجة أو سرقة وليس مظاهرات، ومنهم من قتل لرفضه تهريب المساجين مثل اللواء البطران.
بعد هذه الأرقام والحقائق والصور المفزعة التي شاهدناها عن قتل المتظاهرين بدم بارد على أي أساس يتحدث أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن "انهيار" الشرطة؟ هل انهاروا حزناً بعد نفاذ ذخيرتهم في أجساد الثوار وعدم تمكنهم من قنص المزيد من الشرفاء؟ على أي أساس يتحدثون وكأن 25 يناير كان نكسة لجهاز الشرطة وتؤمن منى الشاذلي على كلامهم في استسلام غريب وعجيب، دون أن يحاسبوا من تسول له نفسه على قتل نفس بغير نفس، ومن يعترض من زملائه على المحاسبة ويرفض العمل فليخرج من جهاز الشرطة غير مأسوف عليه وفلنأت بمجموعة من ال9 مليون عاطل ندربهم ونجندهم للدفاع عن هذا الوطن بدلاً من إذلال أهله وتزوير انتخاباتهم وابتزازهم وتعذيبهم وهتك عرضهم وقتلهم!
الله وشرفاء الوطن والصور شاهدة على مجازر الشرطة تجاه هذا الشعب العظيم، ولن ينجح عشرون مجلس عسكري في تزييف التاريخ، ألا لعنة الله على الظالمين.
No comments:
Post a Comment