يوم كئيب.
جالى احساس قاهر إنى عايزة ألبس اسود, لبست اسود فى اسود و رحت الجامعة, أول حاجة قابلتنى نشرة سياسية أصدرها طلاب
الإخوان المسلمين, فيها دعوة لمقاطعة الاستفتاء على التعديلات الدستورية, سألت أصحابى: تفتكروا الأحسن نقاطع وللا نقول لأ؟
قالولى فى النهاية النتيجة واحدة. بس احنا لازم نقاطع. عارفة ليه؟ عشان لو رحنا ادلينا بصوتنا احنا كده بنضفى شرعية على الاستفتاء. كأنه أصلا ليه معنى و ليه هدف سامى و ديمقراطى و مش حايحصل فيه تلاعب عشان كده لو صوتنا حاتفرق. لكنها مش فارقة يا نهى.
مش فارقة
مش فارقة
مش فارقة!
النشرة كان فيها المواد اللى حاتتعدل و شوية كاريكاتيرات, وآراء المعارضين, كل ده مفيش جديد...لحد ما قريت الرسالة دى:
يتقدم طلاب الإخوان المسلمين بجامعة عين شمس إلى زملائهم الطلاب بالاعتذار عن الاستمرار فى أعمالهم "
فلقد قررنا وقف أعمالنا الخدمية و الدعوية نظرا لما نواجه من تعنت من قبل إدارة الجامعة و الأمن. و من اليوم فليس هناك استقبال للطلبة و لا مذكرات امتحانات ولا رحلات أو ندوات أو مؤتمرات أو معارض. سنوقف أنشطتنا الدعوية فلن نزعج الأمن مجددا بمسيرة عن فلسطين أو كلمة فى المسجد عن فضل شهر رمضان. لن نكلفهم عناء شطبنا من الامتحانات أو تزويرها فلن نحاول الترشح مجددا.
.................
لقد كانت الجامعة - وهذا ما ينبغى أن تكون - منارة للعلم و قلعة للحريات و مصنعا لتخريج القيادات.. و لأننا آمنا بأن هذه هى وظيفة الجامعة؛ فقد عملنا بكل جهدنا لجعلها أفضل و أفضل؛ و لكن الأمن حولها إلى سجن آخر...."
ساعتها الدنيا أسودت فى وشى فعلا. مش بس عشان الاخوان قرروا يوقفوا نشاطهم...بس الاخوان صامدين بقاللهم زمن, انهم يوقفوا ده احباط ليا, حسيت ان حتى اكتر المصريين تمسكا بفكرة الاصلاح ابتدوا يفقدوا الأمل. حسيت ان انا اللى اتسجنت!!!
كان نفسى أقدر أصلح, أحاول أزرع فى الطلبة الأمل اللى مش لاقياه بس حاجيبه لهم منين؟أحاول أقوللهم ان الدنيا مش كلها فساد و رشوة و وساطة و بلا أزرق, أجيبه منين الأمل و أنا مش لاقياه
انا كنت شايفة ان الحل الوحيد ان كل واحد فينا يشتغل بضمير, لكن حتى كده مش نافع!!! أنا مثلا مفروض عليا منهج غبى لازم أدرسه و إلا...منهج يعتمد على الحفظ و الصم ليس إلا باحاول اغير فى طريقتى شوية عشان يفهموا, بس بدأت أفقد الأمل
الناس الكويسة تايهة وسط الزحمة ومش بيستفيدوا حاجة منى!!!
خلينا فى المصيبة الأكبر, أرجع أتكلم مع أصحابى, تبدأ فكرة الهجرة تطرح نفسها. انا اتدخلت بحرقة: اللى بيهاجر ده مش بيفكر غير فى نفسه و بس!!!
أسماء المعيدة فى جامعة سوهاج تقوللى: طب اسم الحكاية دى, كان عندنا دكتورة متفوقة,بتحاول تغير فى طريقة التدريس , لحد ما ربنا ابتلاها برئيس قسم من إياهم. تقوله عايزة أجيب أستاذ من جامعة أمريكية يعمل ندوة ثقافية مع الطلبة, يقوللها لأ, عايزة أعمل مكتبة لقسم انجليزى و أنا متكفلة بالكتب, يقوللها لأ!!! جابت آخرها و سافرت انجلترا
لأ مش حهاجر! قلتها بعندى المعهود! مش حهاجر و اسيبلهم البلد تبقى سويقة, دى بلدى و حافضل هنا أحاول أصلح اللى أقدر أصلحه, أعز أصحابى سلمى وعدتنى انها تقف جنبى فى المرحلة اللى جاية اللى حسيت أنها أمر من الموت و وعدنا بعض اننا "أصحابها و مش حنسيبها!!! نهى صاحبتى كملت عليا,حكت لى عن ولد(14 سنة) و بنت (9سنين) اتخطفوا فى بوكس من اللى بيحطوا فيه المساجين و المعتقلين و نزلوا فى الولد ضرب!!! قاللهم طب سيبونى أنزل أختى عند بيت عمى مارضيوش, نزلوا البنت فى حتة مايعرفهاش, راحوا ودوه لواحدة ست مايعرفوهاش , قالولها هو ده؟ قالتلهم لأ. سابوه. اتصلوا بابوه بعد كده قالوا له بنتك عندنا, اكتشفوا ان البنت اتعرضت للاغتصاب...والشلل!!!
قالت لى على وجه الأب:
عارفة يا نهى لما يبقى حد مش عارف ياخد حقه؟
عارفة يا نهى, عارفة
و أنا مروحة فى التاكسى فجأة سألت السواق: حاتعمل ايه يوم الاستفتاء؟
الراجل كأنه كان فى قمقم و خرج!!!
انا مش معترف بالاستفتاء عشان أروح أصوت, يا بنتى لازم تعرفى حاجة, هى متفصلة على جمال, لو قلنا لأ مفيش حاجة حتتغير, فى النهاية برضو اللى عايزينه حايمشى!!! يا بنتى دول بيقتلوا الوطنية فى الواحد,الناس خلاص مابقتش قادرة تعيش, الناس كلها مكبوس على نفسها و خايفة و بالعة المر و ساكتة, أنا سافرت لمدة سنتين فى بلد أوروبية, المرة الوحيدة اللى حسيت ان انا بنى آدم, هناك البنى آدم مايتقدرش بتمن, هنا بيموتوهم بالمئات و بيصرفوا عليهم تلات آلاف جنيه!!! انت ماعشتيش وقت ما البلد كان احوالها أحسن من كده, كل مرة احوالنا فى النازل...سعد زغلول قالها كلمة...مفيش فايدة!"
و كلام كتير محبط محبط محبط, قلتله يعنى مفيش حل؟ قاللى مفيش, غير يمكن ميت سنة قدام
طالب فلسطينى عرف اللى فيها فابيقوللى: و لو إنت قوية؟؟؟